لا يسع أهالي عفرين إلا الوقوف عند تاريخ الـ 18 من آذار/ مارس

3 أعوام على احتلال #عفرين.. شهود عيان: #تركيا ارتكبت أفظع الجرائم

عايش أهالي عفرين، 58 يوماً من الهجمات الضارية التي شنتها دولة الاحتلال التركي على عفرين، غيرت حياتهم رأساً على عقب، فيما قال شهود عيان عايشوا الهجمات التركية: “تركيا ارتكبت أفظع الجرائم”.

لا يسع أهالي عفرين إلا الوقوف عند تاريخ الـ 18 من آذار/ مارس، إذ احتلت دولة الاحتلال التركي في مثل هذا اليوم من عام 2018، مدينة عفرين.

عقب مقاومة استمرت 58 يوماً، دخل المرتزقة التابعون لجيش الاحتلال التركي مركز المدينة وأسقطوا تمثال كاوا الحداد، معلنين حقبة الإرهاب والجرائم والانتهاكات، التي بدأت بتهجير الأهالي قسراً عن أرضهم.

وما إن وطئت أقدام المرتزقة تراب عفرين، حتى نهبوا ممتلكات الأهالي وبدأت الجرائم تتوالى، إذ عاثوا فيها خرابًا وفسادًا، بعد طرد الغالبية العظمى من السكان الأصليين وتوطين المرتزقة وأولئك المستقدمين من الغوطة.

وعقد جيش الاحتلال التركي من جهة والروس وحكومة دمشق من جهة ثانية، اتفاقًا قايضا فيه عفرين بالغوطة الشرقية التي سلمها المرتزقة التابعين لتركيا إلى القوات الحكومية.

على مدار 3 سنوات من الاحتلال، عانى أهالي عفرين المهجرون قسرًا منها على اختلاف أطيافهم ومشاربهم مشقة الحياة تحت خيم النزوح في الشهباء التي تعرضت بدورها على الدوام للقصف التركي، ما جعلهم عرضة للمجازر التركية مرة أخرى.

أما أولئك الذين بقوا في عفرين، رزحوا تحت وطأة الهمجية التركية ومرتزقتها الذين ارتكبوا أبشع الجرائم وأشدها من اغتصاب، وخطف، وقتل، واعتقال، وسلب، ونهب، وفرض الأتاوات، وحرق أشجار الزيتون، واستيلاء على الأراضي، وجرف المواقع الأثرية وتدمير المزارات الدينية للطوائف المختلفة، ناهيك عن التعتيم الإعلامي الذي فرضوه هناك لإخفاء جرائمهم البشعة.

وفي الذكرى السنوية الثالثة لاحتلال عفرين، التقت وكالتنا الأوساط الشعبية، والحقوقية، والطبية والثقافية التي عايشت فترة الهجمات والاحتلال، وكانت شاهدة على وحشية الهجمات التركية على المقاطعة.

‘جرائم حرب’

المحامي والناشط الحقوقي، جبرائيل مصطفى، قال لوكالتنا في هذا الصدد: “مع هجمات جيش الاحتلال التركي ومرتزقته على مقاطعة عفرين عام 2018، ارتكبوا أفظع الجرائم التي ارتقت إلى جرائم الحرب والإبادة الجماعية، باستهداف المناطق الآهلة بالمدنيين والأماكن الأثرية والمدارس”.

ولفت مصطفى إلى استخدام الاحتلال التركي خلال هجماته الغاز الكيماوي المحرم دوليًّا في قرية أرندة بناحية شيه، مبينًا أن جرائم الاحتلال التركي خلال 58 يومًا من الهجمات كانت بشكل واسع ودقيق ومخطط.

‘التغيير الديمغرافي’

في خضم حديثه ركز جبرائيل مصطفى على التغيير الديمغرافي الذي أجرته تركيا في عفرين، وقال: “عدد الكرد في عفرين قبل احتلالها من قبل تركيا، كان يشكل نسبة 95%، ولكن الآن نسبته لا تتجاوز 20%، وذلك نتيجة أساليب الضغط والخطف وإجبار الأهالي على ترك منازلهم، بالإضافة إلى العنف الجنسي بحق النساء”.

وأشار جبرائيل إلى تقارير المنظمات الحقوقية والدولية حيال الجرائم التركية في عفرين، وقال: “لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا والمرتبطة مباشرة بمجلس حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة أفادت في آخر تقرير لها والذي صدر في 2 آذار 2021 بأن ما يجري في عفرين يحدث أمام مرأى ومسمع الضباط والاستخبارات التركية”.

‘انتهاك القوانين الدولية’

وشدد مصطفى أن تركيا خالفت اتفاقات جنيف الأربعة واتفاقية لاهاي لعام 1907، وأوضح أنه “بالرجوع لاتفاقية لاهاي وموادها من 42 حتى 74 نجد أن تركيا هي دولة احتلال في وقت السلطة الفعلية في عفرين باتت لها والانتهاكات مع الأسف تزداد يومًا بعد يوم بشكل أكثر وحشية”.

مبينًا أن عفرين تحولت في ظل الاحتلال التركي إلى بؤرة لتدريب المرتزقة والإرهابيين.

‘استهداف 86 مدرسة’

ومن جانبها قالت الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في إقليم عفرين، بريفان خليل، إن التطور الحاصل في عفرين خاصة من ناحية اللغة، دفع الاحتلال التركي إلى استهدافها واحتلالها.

ونوهت إلى استهداف الاحتلال التركي المدارس، وإنهائه حياة عدد من المعلمين والطلبة، وقالت: “أثناء الهجمات اتخذنا قرار إغلاق المدارس حرصًا على سلامة الطلبة، ومع ذلك استهدف الاحتلال المدارس ودمر ما يقارب 86 مدرسة”.

‘التتريك وتحوّل المدارس إلى معسكرات’

وأردفت بريفان خليل أن الاحتلال التركي، حينما حوّل المدارس إلى معسكرات لتدريب مرتزقته وفرض اللغة التركية على المكونين الكردي والعربي وسط تغيير أسماء المدارس لا تمت لتاريخ المدينة بصلة (أي بالأسماء التركية) أظهر للعالم نواياه في الإبادة وتغيير ديمغرافية المنطقة، وليس كما يدّعي تحريرها.

وأشارت إلى أن الاحتلال التركي أراد إبادة الشعب والفكر الكردي، من خلال هجماته الوحشية على عفرين.

واستدركت: “لكننا مصممون على التمسك بلغتنا حتى لو تحت خيمة أو في ظل شجرة، لذلك سعينا على تنظيم ذاتنا وجمعنا معلمينا، إلى أن افتتحنا معاهد فيان آمارا مجددًا”.

‘تدمير 55 موقعًا أثريًّا’

وبدوره أفاد عضو مديرية الآثار في عفرين، صلاح سينو أن “المواقع والأماكن الأثرية في عفرين متجذرة في التاريخ، وهي بحسب الكثير من التقارير الدولية لافتة ونادرة”.

مؤكدًا أن الاحتلال التركي “دمر أكثر من 55 مكانًا أثريًّا باستخدام آلة التركس والحفر فيها”، مبينًا أن ما يدفع للسخط والغضب هو أن الأماكن الأثرية تنقب وتحفر بأيدي السوريين ويتم إرسالها إلى تركيا.

أكد صلاح أن إهمال وصمت المجتمع الدولي حيال هذه الجرائم المرتكبة أمام مرأى ومسمع العالم، أطلق العنان للوحشية التركية تجاه تاريخ المنطقة وإمحاء وطمس ثقافتها.

‘استهداف المشفى الوحيد المتبقي في الخدمة’

أما دلوفان سيدو وهو أحد أعضاء الكادر الطبي في مشفى آفرين وقت الهجمات، قال: “وقتها واجهنا الكثير من المصاعب والمعاناة خاصة وأن المقاطعة كانت محاصرة حينها، وكانت تشهد المجازر منذ اليوم الأول وحتى الـ 58”.

وأمضى سيدو حديثه قائلًا: “مقاطعة عفرين كانت تحتضن مشفى واحد وهو مشفى آفرين، وجميع كوادره كانوا على رأس عملهم على مدار الساعة خلال أيام مقاومة العصر وأسعفوا الجرحى، لكن قبل الاحتلال بأيام تعرضنا لحصار خانق وسط تعرض الكثير من النقاط الطبية في النواحي للقصف الهمجي إلى أن وصل الأمر لاستهدف مشفى آفرين الوحيد المتبقي في الخدمة وتدمير قسم منه”.

‘تدمير مزارات ومقدسات الإيزديين’

في حين أن عضو اتحاد الإيزيدي في عفرين، أسعد ماركو، أفاد أنه “في عفرين كان هناك ما يقارب الـ 50 ألف عفريني إيزيدي يتوزعون على 21 قرية، لكن إثر الصمت الدولي حيال جرائم الاحتلال التركي، هُجّرنا قسرًا”.

وأضاف: “بعد الاحتلال التركي للمقاطعة تدمرت جميع المزارات والأماكن التاريخية للإيزيديين”.

منوهًا إلى تعمد الاحتلال التركي إلى بناء المدارس الإسلامية والجوامع في قرى الإيزيديين كفقيرا وباصوفان

ولفت أسعد إلى المآسي التي يعيشها أولئك المتبقون في عفرين، وقال: “حتى بات أقرباؤنا الموجودين في عفرين يخشون من الحديث معنا”.